(الشر...قية) ... وارث الفن المبتذل .. مدونه قديمة
صفحة 1 من اصل 1
(الشر...قية) ... وارث الفن المبتذل .. مدونه قديمة
(الشر...قية) ... وارث الفن المبتذل
سالم التميمي
الفن العراقي بتعدد انواعه من الفنون الاصيلة التي تمتد جذورها عميقأ في التاريخ ،فهو وريث حضارة تمتد الى سبعة الاف سنه ويتميز بالرقي والاصالة والابداع والحس الثقافي الممزوج بالفلكلور والارث التراثي الخصب وقد وصل الى قمة ابداعة في بدايات القرن الماضي حيث بدات حركة دؤوبة ونهضة واسعة لتطوير الفن العراقي مع الحفاظ على القالب العام الذي يميزه وهو الالتزام والجدية في الطرح والاحترام في مخاطبة المتلقي والمشاهد العراقي والعربي ويعود الفضل بذلك الى الفنان المرحوم حقي الشبلي وجيل الرواد من الفنانين العراقيين الذين ساهموا في تطويره وكان للمسرح العراقي دورا كبيرا في تثقيف الانسان العراقي لانه كان فنا ملتزما وبعيد عن الاسفاف وقد قامت الكثير من الفرق المسرحية في العراق ابتداءا من عشرينيات القرن الماضي وكانت تؤدي رسالة انسانية في بناء الجيل المثقف وكان هنالك قطبين بارزين للفن المسرحي العربي احدهما في مصر والاخر في العراق ثم تطورت الحاجة نحو ايجاد مؤسسات لتدريس الفن الرصين وادخال الطرق الجديدة في الفن وكذلك الاطلاع على المدارس العالمية في الفن المتعدد الوجوه فتاسس معهد الفنون الجميلة في بغداد وكان اشهر قسم في هذا المعهد هو قسم الفنون المسرحية بالاضافة الى الفنون الاخرى كالفن التشكيلي وتخرج من هذا المعهد جيل جديد من الفنانين العراقيين على يد الرواد الاوائل وبتطور الحياة وبعد الاقبال الشديد والواسع على دراسة الفن لم يعد هذا المعهد كافيا لاستيعاب الاعداد الكثيرة فتم استحداث اكاديمة الفنون الجميلة والتي تمنح درجة البكالوريوس في الكثير من اقسام الفنون ورافق هذا التطور تاسيس الفرقة القومية للتمثيل والتي كان يشرف عليها رواد المسرح العراقي وكان هناك العديد من المسارح التي تقدم الفن الملتزم ولعل ابرزها كان مسرح بغداد ومسرح الستين كرسي وفي فترة لاحقة تم انشاء المسرح الوطني ومسرح المنصور ومسرح الزوراء و قدمت في هذه المسارح الكثير من المسرحيات العراقية ومسرحيات عالمية ،وصاحب تطور المسرح العراقي التطور في خطين متوازيين اخرين وهما السينما العراقية والاعمال التلفزيونية التي انتشرت بشكل واسع بعد تاسيس تلفزيون بغداد في منتصف القرن العشرين .
وكانت كل الاعمال التي تقدم في هذه الفنون تتميز بفنها الملتزم واحترام المتلقي وذلك قبل ان يتعرض الفن العراقي الى التخريب من خلال توجيهه نحو خدمة الحاكم واجهزته ليكون بوقا دعائيا له وفي شتى المجالات وقد ادى تدخل صدام وزبانيته بالفن الى تعطيل عجلة تطوره بسبب وجود الرقيب الذي يفحص ويدقق كل نص فني قبل ان يسمح له بالوصول الى المشاهد وادت هذه الممارسات الى تنحي الكثير من الفنانين العراقيين سواء بارادتهم او مجبرين الى اعتزال الفن او مغادرة العراق حالهم حال الكثير من الشرائح والكفاءات العلمية والمثقفة والتي لم تعد تحتمل تدخل النظام في كل كبيرة وصغيرة ، اما من بقي منهم فانهم كانوا ملزمين بتقديم مايرضي الحاكم ويشبع غروره فكانت اكثر الاعمال التي تخرج لنا سواء كانت مسرحيات او افلام سينمائية اواعمال تلفزيونية تحاكي او تترجم الفترة التي سبقت وصول العصابة البعثية الى السلطة وكان ممنوعا التطرق الى نقد واقع الحياة خلال حكم صدام والبعث كما ظهرت الكثير من الاعمال التي تصور بطولات صدام الزائفة مثل فلم الايام الطويلة الذي يتناول اكذوبة نضال صدام ،وفي فترة حرب الثمان سنوات تحول الفن العراقي الى خدمة
العملية الحربية من خلال الاعمال التي تم توجيهها للدعاية للحرب فكانت الاغاني في اغلبها تتغنى بصدام وبطولات حربه المزعومة وكان الفنان الذي يمتنع من الغناء بهذه المواضيع يتم تهميشة ومحاربة اعماله وكذلك في مجال الاعمال السينمائية والدراما التي تحولت في اغلبها نحو تناول مواضيع الحرب وفي هذه الفترة بالذات بدات صورة الهبوط بالفن العراقي تتضح تدريجيا خصوصا بعد استحداث فرقة المسرح العسكري لتحل محل الفرقة القومية للتمثيل الرائدة التي بدات تضمحل تدريجيا باختفاء الكثير من اسماء رواد الفن العراقي سواء بموت بعضهم او هجرة البعض الاخر او تنحي الاخرين عن مزاولة الفن لسبب او لاخر وفرقة المسرح العسكري هي خليط من الممثلين الشباب وبعض المهرجين السوقيين الدخلاء على الفن والذين كانوا بالاصل من رجال البعث ولكنهم كانوا يتمتعون بالبديهية والنكته والاستعداد لفعل أي شي من اجل ارضاء اسيادهم ولعل من ابرزهم شخص يدعى (جاسم شرف) وهو بالاصل كان نائب ضابط في الجيش يقدم النكات ويقوم بتقليد الاصوات خصوصا شخصيات رجال الدين الايرانيين في الحفلات التي يقيمها التوجيه العسكري فوجد هذا المهرج طريقه نحو فرقة المسرح العسكري بتشجيع من رفاق البعث وغيره الكثير من المهرجين من امثال عماد بدن الذي كان له دورا دعائيا كبيرا خلال احتلال الكويت ، وبعد فرض الحصار على الشعب العراقي وهزيمة صدام في حرب تحرير الكويت التي القت بظلالها على كل مجالات الحياة وازدياد النكبات والاحزان التي يواجهها الانسان العراقي وكثرة النقمة الشعبية التي تعتمل في صدور الناس تلاشى دور المسرح الجاد لعدم استطاعته على انتقاد الواقع المعاش فتولد توجه جديد لدى السلطة القائمه وهو محاولة الابتعاد بالانسان العراقي عما يعيشة في حياته اليومية فشجعت على قيام المسرح التجاري وتكونت الكثير من الفرق المسرحية التي تقدم اعمالا هابطة واغلب الذين يقومون بها هم ليسوا ممن درس الفن على اصوله وانما هم اشخاص من فصيلة جاسم شرف او عماد بدن كل مايعرفونه هو القاء النكته والموقف الهزلي الذي يدفع المشاهد للضحك وللاسف فقد وجدت هذه الاعمال صدى واسعا لدى الكثير من الناس الذين يبحثون عن الضحك فقط ولم يعد هناك مسرحا جادا ملتزما باستثناء ماكان يقدم كمسرح تجريبي من قبل طلاب اكاديمية الفنون الجميلة وكذلك بعض الاعمال المسرحية التي يقدمها الجيل الذي تعلم الفن على يد الفنانين الرواد الكبار ولكنها كانت تقدم على نطاق ضيق ولشريحه محدودة من المشاهدين .
وشهدت هذه الفترة واحدة من فلتات القائد الضرورة التي كان يهدف من خلالها للتغلب على الهزيمة التي كان يعيشها بعد طرده من الكويت وخروج الشعب في انتفاضته العارمة التي هزت عرشه وكان سقوطه قاب قوسين او ادنى لولا تدخل الحكام الاقليميين لاسيما حاكم السعودية المقبور فهد والجيش الامريكي الذي فتح المجال لجيش صدام لقمع الانتفاضة ،فقد اعلن صدام عن حملته الايمانية وفي لحضة(سكر) كما كان يحلو للشعب اان يسميها قرر صدام اقفال الملاهي التي كانت تزخر بالغواني والراقصات ومنع الاماكن التي كانت تقدم المشروبات الكحولية من مزاولة عملها فوجد عدد كبير من الراقصات انفسهن بلا عمل بالاضافة الى مطربي الفن الغنائي الهابط الذي كان يقدم في الملاهي ونشطت في الوقت نفسه حركة الاعلانات المرئية التجارية من اجل الترويج للبضائع والسلع الرديئة التي اصبحت تستورد من مناشيء اقليمية ولاتتصف بالجودة بعد تشديد الحصار عليه من قبل الدول الكبرى حيث كان العراق مشهورا بانه يستورد من اكثر الدول تقدما وتصورا صناعيا ،فاصبح هناك حاجة ملحة لدى التجار من اجل الترويج لبضائعهم فنشطت حركة الاعلانات التجارية
والتي استعانت بالكثير من الراقصات اللواتي وجدن انفسهن بلا عمل بعد اقفال الملاهي ومن اشهرهن الراقصة السابقة (ميس كمر) واخرى اسمها (هند طالب) واصبحت روية وجوههن بشكل يومي من على شاشة التلفزيون وغدين من المشهورات لدى المشاهد العراقي الذي بات لايبحث عن الاصاله والالتزام بقدر بحثة عن الوجوه والاجساد التي تثير الغريزة ،ولم يكتفي المسرح التجاري بما كان يقدمه من نكات ومواقف تثير الضحك فقد اصبح هذا النوع من الفن الهابط مستهلكا وسريع الملل فتوجهت انظار المنتجين نحو الاستعانة بالراقصات والغواني في المسرحيات الهابطة من اجل اجتذاب اكثر عدد من المشاهدين وانتشرت المسارح التجارية وحلت محل الكثير من الدور السينمائية التي كانت تنتشر في بغداد بعد تاثر قطاع السينما بالحصار وانحسار عدد المشاهدين الذين يرتادون دور السينما بسبب تكرار الافلام وعدم وصول الافلام الجديدة .
واستمر هذا الحال المتردي للفن الهابط حتى سقوط الطاغية وكان من المفروض ان يؤدي هذا الحدث الى رفع القيود عن الفن الملتزم وعودته بشكل كبير الا ان ما جرى من احداث بالاضافة الى الفهم الخاطيء من قبل المؤسسة الدينية التي تشعبت اطرافها اثر بشكل كبير من جديد على الفن مع وجود بعد الاعمال التي لايمكن غض النظر عنها مثل المسلسل الدرامي الذي ظهر في رمضان الماضي باسم (ثمنطعش) والذي يتناول الماساة اليومية للانسان العراقي بين المليشيات المسلحة والسياسيين المنهومين للثراء على حساب المبادي والاخلاق والمتاجرة بمقدرات الشعب العراقي وتراثة الحضاري بالاضافة الى عدد اخر من الاعمال مثل (حب وحرب) و(مليشيا الحب )و(الحكو..مات) والبرنامج التمثيلي (كاريكتير) ولو انها سطحية لكن المهم فيها انها اعمالا تتناول الواقع العراقي بحيادية، ومرة اخرى يتاثر الفن بالوضع العام في العراق بعد انحسار دور الفنان الملتزم والذي يقدم فنا جادا واصيلا وبقاء اصحاب الفن الهابط يؤدون اعمالهم ،كما لوحظ انحسار الفن المسرحي نهائيا وحتى التجاري منه بسبب تردي الوضع الامني وانشغال الناس بحياتهم اليومية وصراعهم من اجل العيش والبقاء.
وشهد هذا العامين 2006/2007 تركيزا من قبل قناة الشرقية نحو انتاج اعمال موجهه نحو انتقاد العهد الجديد في العراق بكل اشكاله ولا تخلوا من التباكي على العهد البائد من خلال اعمال هابطة يمكن ان يشم فيها المشاهد رائحة البعث النتنه وتتميز بانها اعمالا هابطه وكانها امتداد لفترة التردي والابتذال والهبوط التي مر بها الفن العراقي منذ بداية تسعينات القرن الماضي ومثالا على ذلك المسلسل اليومي (مات ..الحكو) الذي يتناول الحياة اليومية للعراقيين بشكل هابط ومبتذل ورخيص وبعيد عن كل القيم والمعايير الفنية، صحيح ان مايحدث في العراق هو وضع خارج المالوف ولايمكن تحمله ويجب انتقاده باي وسيلة وهذه هي رسالة الفن الملتزم، ولكن لايمكن تناوله بهذا الشكل الرخيص والمبتذل ،وعندما نحلل هذا العمل ونتمعن في اكتشاف ادواته نكون على يقين بانه امتداد لتلك الفترة فالمنتج هو قناة الشرقية صاحبة الرائحة النتنه التي بات يعرفها القاصي والداني باستهدافها للعراق وميلها نحو النظام المنهار ووجود النفس البعثي متمثلا بمديرها (سعد البزاز) ،وفكرة العمل لشخص اسمه (اوس كامل الشرقي) والمخرج هو (اسامه كامل الشرقي) والاسمان لايبتعدان كثيرا عن اسم الشرقية الذي يزكم انوفنا ولكن المفاجأه بوالد هذين الاسمين وهو البعثي (كامل الشرقي)المشهود له ولاءه المطلق لصدام ونظامه والذي كان رئيسا لتحرير البوق الدعائي الاول لصدام وهو مجلة (الف باء) ،اما الممثلين فهم راقصة الملاهي (الساقطة) وعذرا للكلمة (ميس كمر) والتي لاتمتلك موهبة سوى جسدها الرخيص المترهل الذي يستهوي البعثيين من اصحاب الشوارب والشعرالمصبوغ والزيتوني واقلام الكتف التي تكتب التقارير ،والاخر (جاسم شرف) النائب ضابط في التوجيه السياسي الذي لايعرف سوى تقليد الاصوات ،و(حمودي القزم) وهو وريث الفن الهابط وتركة الفترة المظلمة التي اصبح فيها المهرجين واهل النكته والاقزام والبدينين من امثال (خلف ضيدان ) الذي يشترك في العمل ايضا ،ممثلين مشهورين لانهم يضحكون الناس على اشكالهم وانفسهم وبذلك يجدون من يتابعهم ويحرص على رؤية اعمالهم لان المواطن بحاجة للضحك باي شكل من الاشكال.
فتخيلوا اجتماع هذه الادوات في عمل مع ميزانية مفتوحة من قبل (اخت) المجاهدين الملثمين (رغودة ) تخيلوا كيف يكون الهبوط والابتذال في هكذا اعمال مع الراعي الرسمي قناة (الشر... قية).
وتخيلوا فنا غاب عن سمائه نجوما لامعه مثل بدري حسون فريد وخليل شوقي ويوسف العاني وسليم البصري وطعمة التميمي وعزيز خيون وسامي عبد الحميد وفوزية الشندي ود.عواطف نعيم وهناء محمد و فوزية حسن والرائدة التي لم يزل مكانها فارغا للان ناهدة الرماح وغيرهم الكثير
وحل محلها نكرات مثل هذه الاسماء التي هبطت بالفن العراقي الراقي الى الحضيض ، تخيلوا كيف يكون؟؟؟
سالم التميمي
سالم التميمي
الفن العراقي بتعدد انواعه من الفنون الاصيلة التي تمتد جذورها عميقأ في التاريخ ،فهو وريث حضارة تمتد الى سبعة الاف سنه ويتميز بالرقي والاصالة والابداع والحس الثقافي الممزوج بالفلكلور والارث التراثي الخصب وقد وصل الى قمة ابداعة في بدايات القرن الماضي حيث بدات حركة دؤوبة ونهضة واسعة لتطوير الفن العراقي مع الحفاظ على القالب العام الذي يميزه وهو الالتزام والجدية في الطرح والاحترام في مخاطبة المتلقي والمشاهد العراقي والعربي ويعود الفضل بذلك الى الفنان المرحوم حقي الشبلي وجيل الرواد من الفنانين العراقيين الذين ساهموا في تطويره وكان للمسرح العراقي دورا كبيرا في تثقيف الانسان العراقي لانه كان فنا ملتزما وبعيد عن الاسفاف وقد قامت الكثير من الفرق المسرحية في العراق ابتداءا من عشرينيات القرن الماضي وكانت تؤدي رسالة انسانية في بناء الجيل المثقف وكان هنالك قطبين بارزين للفن المسرحي العربي احدهما في مصر والاخر في العراق ثم تطورت الحاجة نحو ايجاد مؤسسات لتدريس الفن الرصين وادخال الطرق الجديدة في الفن وكذلك الاطلاع على المدارس العالمية في الفن المتعدد الوجوه فتاسس معهد الفنون الجميلة في بغداد وكان اشهر قسم في هذا المعهد هو قسم الفنون المسرحية بالاضافة الى الفنون الاخرى كالفن التشكيلي وتخرج من هذا المعهد جيل جديد من الفنانين العراقيين على يد الرواد الاوائل وبتطور الحياة وبعد الاقبال الشديد والواسع على دراسة الفن لم يعد هذا المعهد كافيا لاستيعاب الاعداد الكثيرة فتم استحداث اكاديمة الفنون الجميلة والتي تمنح درجة البكالوريوس في الكثير من اقسام الفنون ورافق هذا التطور تاسيس الفرقة القومية للتمثيل والتي كان يشرف عليها رواد المسرح العراقي وكان هناك العديد من المسارح التي تقدم الفن الملتزم ولعل ابرزها كان مسرح بغداد ومسرح الستين كرسي وفي فترة لاحقة تم انشاء المسرح الوطني ومسرح المنصور ومسرح الزوراء و قدمت في هذه المسارح الكثير من المسرحيات العراقية ومسرحيات عالمية ،وصاحب تطور المسرح العراقي التطور في خطين متوازيين اخرين وهما السينما العراقية والاعمال التلفزيونية التي انتشرت بشكل واسع بعد تاسيس تلفزيون بغداد في منتصف القرن العشرين .
وكانت كل الاعمال التي تقدم في هذه الفنون تتميز بفنها الملتزم واحترام المتلقي وذلك قبل ان يتعرض الفن العراقي الى التخريب من خلال توجيهه نحو خدمة الحاكم واجهزته ليكون بوقا دعائيا له وفي شتى المجالات وقد ادى تدخل صدام وزبانيته بالفن الى تعطيل عجلة تطوره بسبب وجود الرقيب الذي يفحص ويدقق كل نص فني قبل ان يسمح له بالوصول الى المشاهد وادت هذه الممارسات الى تنحي الكثير من الفنانين العراقيين سواء بارادتهم او مجبرين الى اعتزال الفن او مغادرة العراق حالهم حال الكثير من الشرائح والكفاءات العلمية والمثقفة والتي لم تعد تحتمل تدخل النظام في كل كبيرة وصغيرة ، اما من بقي منهم فانهم كانوا ملزمين بتقديم مايرضي الحاكم ويشبع غروره فكانت اكثر الاعمال التي تخرج لنا سواء كانت مسرحيات او افلام سينمائية اواعمال تلفزيونية تحاكي او تترجم الفترة التي سبقت وصول العصابة البعثية الى السلطة وكان ممنوعا التطرق الى نقد واقع الحياة خلال حكم صدام والبعث كما ظهرت الكثير من الاعمال التي تصور بطولات صدام الزائفة مثل فلم الايام الطويلة الذي يتناول اكذوبة نضال صدام ،وفي فترة حرب الثمان سنوات تحول الفن العراقي الى خدمة
العملية الحربية من خلال الاعمال التي تم توجيهها للدعاية للحرب فكانت الاغاني في اغلبها تتغنى بصدام وبطولات حربه المزعومة وكان الفنان الذي يمتنع من الغناء بهذه المواضيع يتم تهميشة ومحاربة اعماله وكذلك في مجال الاعمال السينمائية والدراما التي تحولت في اغلبها نحو تناول مواضيع الحرب وفي هذه الفترة بالذات بدات صورة الهبوط بالفن العراقي تتضح تدريجيا خصوصا بعد استحداث فرقة المسرح العسكري لتحل محل الفرقة القومية للتمثيل الرائدة التي بدات تضمحل تدريجيا باختفاء الكثير من اسماء رواد الفن العراقي سواء بموت بعضهم او هجرة البعض الاخر او تنحي الاخرين عن مزاولة الفن لسبب او لاخر وفرقة المسرح العسكري هي خليط من الممثلين الشباب وبعض المهرجين السوقيين الدخلاء على الفن والذين كانوا بالاصل من رجال البعث ولكنهم كانوا يتمتعون بالبديهية والنكته والاستعداد لفعل أي شي من اجل ارضاء اسيادهم ولعل من ابرزهم شخص يدعى (جاسم شرف) وهو بالاصل كان نائب ضابط في الجيش يقدم النكات ويقوم بتقليد الاصوات خصوصا شخصيات رجال الدين الايرانيين في الحفلات التي يقيمها التوجيه العسكري فوجد هذا المهرج طريقه نحو فرقة المسرح العسكري بتشجيع من رفاق البعث وغيره الكثير من المهرجين من امثال عماد بدن الذي كان له دورا دعائيا كبيرا خلال احتلال الكويت ، وبعد فرض الحصار على الشعب العراقي وهزيمة صدام في حرب تحرير الكويت التي القت بظلالها على كل مجالات الحياة وازدياد النكبات والاحزان التي يواجهها الانسان العراقي وكثرة النقمة الشعبية التي تعتمل في صدور الناس تلاشى دور المسرح الجاد لعدم استطاعته على انتقاد الواقع المعاش فتولد توجه جديد لدى السلطة القائمه وهو محاولة الابتعاد بالانسان العراقي عما يعيشة في حياته اليومية فشجعت على قيام المسرح التجاري وتكونت الكثير من الفرق المسرحية التي تقدم اعمالا هابطة واغلب الذين يقومون بها هم ليسوا ممن درس الفن على اصوله وانما هم اشخاص من فصيلة جاسم شرف او عماد بدن كل مايعرفونه هو القاء النكته والموقف الهزلي الذي يدفع المشاهد للضحك وللاسف فقد وجدت هذه الاعمال صدى واسعا لدى الكثير من الناس الذين يبحثون عن الضحك فقط ولم يعد هناك مسرحا جادا ملتزما باستثناء ماكان يقدم كمسرح تجريبي من قبل طلاب اكاديمية الفنون الجميلة وكذلك بعض الاعمال المسرحية التي يقدمها الجيل الذي تعلم الفن على يد الفنانين الرواد الكبار ولكنها كانت تقدم على نطاق ضيق ولشريحه محدودة من المشاهدين .
وشهدت هذه الفترة واحدة من فلتات القائد الضرورة التي كان يهدف من خلالها للتغلب على الهزيمة التي كان يعيشها بعد طرده من الكويت وخروج الشعب في انتفاضته العارمة التي هزت عرشه وكان سقوطه قاب قوسين او ادنى لولا تدخل الحكام الاقليميين لاسيما حاكم السعودية المقبور فهد والجيش الامريكي الذي فتح المجال لجيش صدام لقمع الانتفاضة ،فقد اعلن صدام عن حملته الايمانية وفي لحضة(سكر) كما كان يحلو للشعب اان يسميها قرر صدام اقفال الملاهي التي كانت تزخر بالغواني والراقصات ومنع الاماكن التي كانت تقدم المشروبات الكحولية من مزاولة عملها فوجد عدد كبير من الراقصات انفسهن بلا عمل بالاضافة الى مطربي الفن الغنائي الهابط الذي كان يقدم في الملاهي ونشطت في الوقت نفسه حركة الاعلانات المرئية التجارية من اجل الترويج للبضائع والسلع الرديئة التي اصبحت تستورد من مناشيء اقليمية ولاتتصف بالجودة بعد تشديد الحصار عليه من قبل الدول الكبرى حيث كان العراق مشهورا بانه يستورد من اكثر الدول تقدما وتصورا صناعيا ،فاصبح هناك حاجة ملحة لدى التجار من اجل الترويج لبضائعهم فنشطت حركة الاعلانات التجارية
والتي استعانت بالكثير من الراقصات اللواتي وجدن انفسهن بلا عمل بعد اقفال الملاهي ومن اشهرهن الراقصة السابقة (ميس كمر) واخرى اسمها (هند طالب) واصبحت روية وجوههن بشكل يومي من على شاشة التلفزيون وغدين من المشهورات لدى المشاهد العراقي الذي بات لايبحث عن الاصاله والالتزام بقدر بحثة عن الوجوه والاجساد التي تثير الغريزة ،ولم يكتفي المسرح التجاري بما كان يقدمه من نكات ومواقف تثير الضحك فقد اصبح هذا النوع من الفن الهابط مستهلكا وسريع الملل فتوجهت انظار المنتجين نحو الاستعانة بالراقصات والغواني في المسرحيات الهابطة من اجل اجتذاب اكثر عدد من المشاهدين وانتشرت المسارح التجارية وحلت محل الكثير من الدور السينمائية التي كانت تنتشر في بغداد بعد تاثر قطاع السينما بالحصار وانحسار عدد المشاهدين الذين يرتادون دور السينما بسبب تكرار الافلام وعدم وصول الافلام الجديدة .
واستمر هذا الحال المتردي للفن الهابط حتى سقوط الطاغية وكان من المفروض ان يؤدي هذا الحدث الى رفع القيود عن الفن الملتزم وعودته بشكل كبير الا ان ما جرى من احداث بالاضافة الى الفهم الخاطيء من قبل المؤسسة الدينية التي تشعبت اطرافها اثر بشكل كبير من جديد على الفن مع وجود بعد الاعمال التي لايمكن غض النظر عنها مثل المسلسل الدرامي الذي ظهر في رمضان الماضي باسم (ثمنطعش) والذي يتناول الماساة اليومية للانسان العراقي بين المليشيات المسلحة والسياسيين المنهومين للثراء على حساب المبادي والاخلاق والمتاجرة بمقدرات الشعب العراقي وتراثة الحضاري بالاضافة الى عدد اخر من الاعمال مثل (حب وحرب) و(مليشيا الحب )و(الحكو..مات) والبرنامج التمثيلي (كاريكتير) ولو انها سطحية لكن المهم فيها انها اعمالا تتناول الواقع العراقي بحيادية، ومرة اخرى يتاثر الفن بالوضع العام في العراق بعد انحسار دور الفنان الملتزم والذي يقدم فنا جادا واصيلا وبقاء اصحاب الفن الهابط يؤدون اعمالهم ،كما لوحظ انحسار الفن المسرحي نهائيا وحتى التجاري منه بسبب تردي الوضع الامني وانشغال الناس بحياتهم اليومية وصراعهم من اجل العيش والبقاء.
وشهد هذا العامين 2006/2007 تركيزا من قبل قناة الشرقية نحو انتاج اعمال موجهه نحو انتقاد العهد الجديد في العراق بكل اشكاله ولا تخلوا من التباكي على العهد البائد من خلال اعمال هابطة يمكن ان يشم فيها المشاهد رائحة البعث النتنه وتتميز بانها اعمالا هابطه وكانها امتداد لفترة التردي والابتذال والهبوط التي مر بها الفن العراقي منذ بداية تسعينات القرن الماضي ومثالا على ذلك المسلسل اليومي (مات ..الحكو) الذي يتناول الحياة اليومية للعراقيين بشكل هابط ومبتذل ورخيص وبعيد عن كل القيم والمعايير الفنية، صحيح ان مايحدث في العراق هو وضع خارج المالوف ولايمكن تحمله ويجب انتقاده باي وسيلة وهذه هي رسالة الفن الملتزم، ولكن لايمكن تناوله بهذا الشكل الرخيص والمبتذل ،وعندما نحلل هذا العمل ونتمعن في اكتشاف ادواته نكون على يقين بانه امتداد لتلك الفترة فالمنتج هو قناة الشرقية صاحبة الرائحة النتنه التي بات يعرفها القاصي والداني باستهدافها للعراق وميلها نحو النظام المنهار ووجود النفس البعثي متمثلا بمديرها (سعد البزاز) ،وفكرة العمل لشخص اسمه (اوس كامل الشرقي) والمخرج هو (اسامه كامل الشرقي) والاسمان لايبتعدان كثيرا عن اسم الشرقية الذي يزكم انوفنا ولكن المفاجأه بوالد هذين الاسمين وهو البعثي (كامل الشرقي)المشهود له ولاءه المطلق لصدام ونظامه والذي كان رئيسا لتحرير البوق الدعائي الاول لصدام وهو مجلة (الف باء) ،اما الممثلين فهم راقصة الملاهي (الساقطة) وعذرا للكلمة (ميس كمر) والتي لاتمتلك موهبة سوى جسدها الرخيص المترهل الذي يستهوي البعثيين من اصحاب الشوارب والشعرالمصبوغ والزيتوني واقلام الكتف التي تكتب التقارير ،والاخر (جاسم شرف) النائب ضابط في التوجيه السياسي الذي لايعرف سوى تقليد الاصوات ،و(حمودي القزم) وهو وريث الفن الهابط وتركة الفترة المظلمة التي اصبح فيها المهرجين واهل النكته والاقزام والبدينين من امثال (خلف ضيدان ) الذي يشترك في العمل ايضا ،ممثلين مشهورين لانهم يضحكون الناس على اشكالهم وانفسهم وبذلك يجدون من يتابعهم ويحرص على رؤية اعمالهم لان المواطن بحاجة للضحك باي شكل من الاشكال.
فتخيلوا اجتماع هذه الادوات في عمل مع ميزانية مفتوحة من قبل (اخت) المجاهدين الملثمين (رغودة ) تخيلوا كيف يكون الهبوط والابتذال في هكذا اعمال مع الراعي الرسمي قناة (الشر... قية).
وتخيلوا فنا غاب عن سمائه نجوما لامعه مثل بدري حسون فريد وخليل شوقي ويوسف العاني وسليم البصري وطعمة التميمي وعزيز خيون وسامي عبد الحميد وفوزية الشندي ود.عواطف نعيم وهناء محمد و فوزية حسن والرائدة التي لم يزل مكانها فارغا للان ناهدة الرماح وغيرهم الكثير
وحل محلها نكرات مثل هذه الاسماء التي هبطت بالفن العراقي الراقي الى الحضيض ، تخيلوا كيف يكون؟؟؟
سالم التميمي
سالم التميمي- حالم عراقي
- عدد المساهمات : 59
تاريخ التسجيل : 05/08/2009
العمر : 60
الموقع : العراق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى