أوجه الفساد
صفحة 1 من اصل 1
أوجه الفساد
أوجه الفساد
احسان علي
اتفاق جميع المعنيين بظاهرة الفساد من باحثين واكاديميين وساسة على انعكاسات ونتائج هذه الظاهرة وماتؤول اليه من مخاطر جسيمة تلقي بظلالها على خطط وبرامج التنمية ومرتكزات الاقتصاد القومي والبنية الاجتماعية للبلد. لم يسفر عن اجماع هؤلاء وضع تعريف موحد وشامل للفساد.
بل ارتبط ذلك بنظرة الباحث وتأثره بالحقل العلمي الذي يخوض فيه وبالمنظور الذي ينطلق منه في تعريفه للفساد وتحديد آلياته ومعالمه. فالبحوث الاقتصادية تركزت في معظمها على العلاقة بين الاستثمار والتنمية الاقتصادية من جهة ونوعية المؤسسات الحكومية من جهة اخرى وضعف تلك المؤسسات الذي هو احد اهم اسباب الفساد الاداري والذي يؤدي الى الانخفاض في مستوى الاستثمار ومن ثم ابطاء عجلة التنمية الاقتصادية.
اما البحوث القانونية فانها تعتبر الفساد انحرافا عن الالتزام بالقواعد القانونية، وبالتالي فان هناك اجماعا على ان للفساد اثراً مدمراً على حكم القانون لاسيما اذا ماطال القضاء. اما البحوث السياسية تركزت في هذا المجال على شرعية الحكم والاستقرار السياسي ودور مؤسسات المجتمع المدني ونماذج القوى السياسية.
بينما يرى علماء الاجتماع انه علاقة اجتماعية تتمثل في انتهاك قواعد السلوك الاجتماعي في ما يتعلق بالمصلحة العامة.
اضافة الى ما تقدم من هذه التعاريف المقتضبة لظاهرة الفساد واسبابه، ففي تقديري الشخصي هناك جملة اسباب وتداعيات لهذه الظاهرة الخطيرة لم يتم احصاؤها وتشخيصها بالقدر الكافي لاتساع آفاق هذه الظاهرة وتفرع جوانبها باستمرار او كونها لم تخطئ باهتمام وعناية الاجهزة المختصة بمكافحة هذه الظاهرة على اساس تشخصيها ودراسة اسبابها وطرق الوقاية منها ووضع الحلول الناجحة للقضاء عليها.
ومن بين هذه الاسباب البواعث النفسية على ممارسة الفساد والناتجة عن الفهم الخاطئ للحقائق وكيفية التعامل معها وسوء تقدير نتائج الافعال غير المنطقية واللامبررة التي تصدر عن اناس معينين يعانون من اختلال في توازن منظومة المركبات السايكولوجية لديهم ما يدفعهم الى ارتكاب اعمال غير محمودة العواقب تؤدي الى الاضرار بالنفع العام ومصالح الشعب. فمن الواضح ان بعض عمليات الفساد ترافقها اعمال اجرامية تعرض حياة عشرات المواطنين للخطر وللموت احياناً، وهناك عمليات تخريب تتمثل بحرق جزء من مؤسسة حكومية او تدميرها بالكامل من اجل اخفاء معالم الفساد فيها. وهذه الاعمال وان دلت على وحشية مرتكبيها وخرقهم الفاضح لمقومات الاخلاق والتربية وانتهاكهم لقواعد السلوك الانساني فانها ترتكز على عوامل وانفعالات نفسية ودوافع غريزية شاذه مصدرها الاحباط والفشل والتمرد على الذات البشرية.
اما العوامل الاجتماعية فتترجم لنا سلوك هؤلاء المنحرفين ومنها عدم استقامة ذاتية الشخص المفسد واتخاذه سلوكاً مشيناً يتقاطع مع سلامة النهج السليم المبني على اصول الضوابط الاجتماعية وهذا بالطبع ناتج عن تفسخ منظومة القيم الاجتماعية لديه والذي يدفعه بالتأكيد على انتهاك قيم المجتمع وتغليب المنفعة الشخصية على المنفعة العامة. ثم ان غياب الواعز الديني له الاثر البالغ والواضح في عملية الفساد وتفشيها في المجتمع، فغياب الدور الديني وتقاعس الكثير من رجال الدين عن اصدار الفتاوى الشرعية بهذا الشأن بصورة مستمرة ينشأ ارضية صلبة لانطلاق مثل هكذا ممارسات ويجعل مرتكبيها اكثر اصراراً على مزاولة هذا السلوك مع انعدام دور الرقابة الحكومية ومحاسبة المقصرين محاسبة تنسجم ونوع الجرم الذي يقترفونه.
ومن اهم الاسباب الاقتصادية الداعية الى استشراء ظاهرة الفساد تردي الاوضاع المعيشية للعاملين في القطاعات الحكومية وتفاوت نسب الاجور والدخول والرواتب بينهم ما يؤدي الى ضعف الولاء للمصالح العامة ناهيك عن مستوى التضخم الحاصل في اسعار السلع والمنتوجات والخدمات واتساع وتفاقم ازمة السكن وارتفاع اجوره.
ولابد ان نعرج على الاسباب الحضارية والمتمثلة بوجود فجوة بين القيم والمستوى الحضاري للمجمتع وبين قواعد العمل الرسمي من قبل الاجهزة الادارية فلابد للموظف الحكومي ان يكون ملما كافياً بالنواحي الادارية كي يسهم بتطويق هذه الظاهرة والحد من اشاعتها كسمة بارزة من سمات التخلف في المجتمع.
ان ضعف العلاقات بين الاجهزة الحكومية والادارية والجمهور وشيوع الولاءات الحزبية والمحسوبية وتغليبها على الحس الوطني كل هذه الامور تقضي الى انعدام دور الرقابة واجهزتها وبروز قيادات تفتقر الى الكفاءة والنزاهة
عن الصباح العراقية
[b]
حسن احمد- حالم عراقي
- عدد المساهمات : 27
تاريخ التسجيل : 18/11/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى