فاهم سوادي ... يا أمير الكرامة والعنفوان

هكذا أعتدت .. وهكذا علمتني أمي الفقيدة .. كلما حل شهرك سيدي ياحسين ألبست نفسي ثيابا من بقايا الكبرياء .. سوداء مشوبة بحمرة من دماء وأيّ دماء ! .. أعتدت أن لا أبكي عندما تسرد على أسماعي تفاصيل حفلة الإعدام.. ويعرض أمامي مشهد الخيام المحترقة ومنظر أختك العقيلة وهي تتوسل الى السماء ، ترفع بيديها الطفل الرضيع ، تتضرع كي يقبل منها القربان ، لأبدو عنيدا أمام نصال السيوف التي ذبحتك وما زالت تبحث عن ثمة عنفوان أو بقايا مواقف مبدئية .. لتطيح بها في ظهيرة كربلائية جديدة ..!! وصلبا كأصحابك الذين لم ترهبهم جعجعة أسلحة الفتك والدمار الشامل وآلاف المرتزقة أو تجبرهم على اتخاذ قرارات و مواقف ( توافقية ) .. لأغرس شوكا في عيون التخاذل .. فدمائك يا سيدي علمتني أن يكون للوطن سيادة وكرامة وقوة لا تفتتها كل مفخخات القتلة وعبواتهم اللاصقة شديدة الانفجار ، و أن قامات نخيله الباسقة لا تعلوا إلا بالبطولة والإباء .. فهي لا تنبت في قيعان الضحالة السلبية .. يا أمير الكرامة والعنفوان.. منذ أن أطلقت صرختك المدوية طلبا لتحقيق العدالة الاجتماعية وسقطت مخضبا بالزهو والبطولة وأنا أرفض ترديد المرثيات في أقبية البيت الخلفية .. أو أن أجلد نفسي في أرض وطني المستباح بدلا عن جلد سماسرة العهر الوطني الذين ما برحوا يؤججون نار الطائفية التي أحرقوا بها خيامك ثأرا من فوجك الهاشمي الذي حمل راية العدل التي لم تميّيز بين عربي وكردي أو تركماني الا بالتقوى ولم تفرق بين إنسان وآخر ... يا علم الوطن وحدوده و كبريائه ومأساته الأزلية... رغم أنوف المسوّقين لذرائعية السقوط والخيانة .. علمتني أمي أن أقف على بابك الذهبية أردد النشيد الوطني متشحا بعباءة عربية جزّت صوفتها من نعجة في بادية السماوة و نسجت خيوطها في (سرج خانة ) الموصل الحدباء كي أنسف خرافة الطائفية و أطلب من ربي أن يحل مشكلة المناطق المتنازع عليها مادامت كلها أراض عراقية .. يا سيد الشهداء ويا رمز الثورية والشرف والسيادة ، أيها الفاروق بين الحق والباطل .. لأنك الباذل الذي لم يكن يرجو السلطة ثمنا ..ولأنك أصبحت يقينا ثابتا في ضمير الأحرار فقد سعى المتربصون والمتصيدون في ليلنا السابح بالظلام إلى سرقتك منا ولكن هيهات هيهات .. فأمي لن تغفر لي تضييعي جادة السواء... و ستمنعني فردوس الحرية.. سيدي ياحسين